RTL

Pages

لماذ العرب ليسوا أحراراً | مراجعة كتاب

 مصطفى صفوان هو كاتب فرنسي مهاجر من مصر، ينظر إلى المجتمعات العربية بشكل عام والمصرية بشكل خاص من منظور فرنسي وهي تعتبر وجهة نظر مختلفة، في ...

 مصطفى صفوان هو كاتب فرنسي مهاجر من مصر، ينظر إلى المجتمعات العربية بشكل عام والمصرية بشكل خاص من منظور فرنسي وهي تعتبر وجهة نظر مختلفة، في هذا الكتاب يحاول تشخيص لماذا العرب ليسوا أحراراً؟.

الكتاب عبارة عن عدة مقالات للكاتب حول نفس الموضوع، وهو كيف يتحرر الشعب من الاستبداد والديكتاتورية ويعيش بديمقراطية الشعب للشعب، والطريقة الأساسية التي يراها الكاتب هي عن طريق المثقفين والمفكرين في توعية الشعب، ولكن وجود فجوة بين الفئتين يصعب طريق التحرر.

اللغة العربية الفصحى هي العقبة في توافق المفكرين وعامة الشعب، هكذا يعتقد الكاتب مصطفى صفوان، فاللغة العربية صعبة الفهم على عامة الشعب الذي يتكلم اللهجة العامية او ما يعرف بالمحكية، فلو كتب المفكرين والمثقفين المصريين باللهجة المحكية ولغة الشارع لوصلت كتاباتهم لأكبر فئة ممكنة، ولاستطاعوا فتح ٱفاق الشعب ومهدوا الطريق لتحرر كامل للشعب المصري الذي سيفهم الألأعيب السياسية والتضليلات اللاهوتية.

يرجع الكاتب هذا التفسير للتاريخ على مر العصور، فكانت الكتابة دائما محتكرة على الحكام والكهنوت لتغيب الشعب عن التاريخ، فعندما كانت الحضارة اليونانية في أثينا، كان غالبية الشعب من القراء فأصبح الشعب هو الذي يحكم حكم ديموقراطي حتى كان أي حكم يخرج يجب أن يتواجد جميع المواطنين ولصعوبته خرجت فكرة التمثيل في برلمان محدد.

في العصور الوسطى كانت اللغة اللاتينية هي لغة العلم والكهنوت وهي لغة الكتابة، فكان صعب على الشعب فهم العلوم او فهم الكتاب المقدس، والتمرد على الكتابة اللاتينية هو أحد الطرق التي مهدت للثورات الأوروبية، فمارتن لوثر الذي ترجم الكتاب المقدس من اللاتينية إلى الألمانية ساهم في تغير فكر الشعب وفهمهم للكتاب المقدس وتفسيره، وغالييلو ودانتي ساهموا برفع وعي الشعب عندما كتبوا باللغة المحلية وابتعدوا عن اللغة اللاتينية.

في اعتقادي ان هناك القليل من الصحة في رأي الكاتب، في البداية بالنسبة لي على الأقل، الديمقراطية ليست شيء أساسي لنجاح الشعوب، صحيح أن أغلب الدول المرفهة ظاهريا هي دول ديموقراطية ولكن هذا لا يلغي وجود دول مرفهة ولا يوجد فيها ديموقراطية مثل دول الخليج العربي، فمسألة ارتباط التحرر بالديموقراطية هو ربط خاطئ، ولكن الديمقراطية تعطي مجال أوسع في التفكير والتقدم والخروج عن المألوف بدون الخوف من بطش او استبداد.

في مسألة اللغة العربية، المشكلة ليست في اللغة ولكن في المثقفين أنفسهم، الكثير من الروايات والتي تكتب باللغة العربية البيضاء او الكتب المترجمة تباع بسرعة وهي استثمار ناجح، لكن المثقفين والمفكرين يستعرضون عضلاتهم الكتابية على حساب البساطة والفهم، وهذا موجود حتى في اللغات الأخرى ولهذا الكتابات العلمية الشعبية pop science تأخذ حيز أكبر من القراء، والمشكلة الثانيه هي بالقراء أنفسهم واختياراتهم، فالقراءة حتى وقت حديث ليست من الاولويات إلا في الطبخ والتنجيم، حتى الكاتب نفسه اعترف ان تجربته بترجمة عطيل باللهجة المصرية كان فاشلا في المبيعات.

لكن أعتقد أن التكنولوجيا والانترنت والسوشيال ميديا تخلق حاليا جيل يقرأ ويحب القراءة، أو على الأقل بدأ القراء بالتعرف على بعضهم البعض وتكوين صداقات ومجموعات قراءة، وان كان الحجم الاكبر من القراء في مجال الروايات إلا أن القراءة تبدأ بما يعتاد عليه النفس وهو ما يدرب عضلة القراءة لتفتح افاق جديدة.