RTL

Pages

اقرأ الروايات

لا أتذكر أول كتاب قرأته ولكن منذ أحببت القراءة وأنا أستهلك فقط كتب التنمية البشرية، أول رواية أتذكر أنني اشتريتها كنت بالثانية والعشرين، شفر...

لا أتذكر أول كتاب قرأته ولكن منذ أحببت القراءة وأنا أستهلك فقط كتب التنمية البشرية، أول رواية أتذكر أنني اشتريتها كنت بالثانية والعشرين، شفرة دافنشي لدان براون، رواية أنهيتها بثلاث أيام، وقررت أن لا اقرأ رواية بعدها.



لم يكن السبب أن الرواية سيئة بل بالعكس كانت رواية شيقة وفيها معلومات وألغاز وأحداث متسارعة ونهاية مفاجأة، ولكن السبب هو الوقت التي أخذته مني الرواية، كنت دائما – وما زالت قليلا – أعتقد أن الروايات مضيعة للوقت، الافلام تنتهي بعد ساعتين وقد استمتعت بالقصة، لكن الرواية تأخذ الكثير والكثير من وقتك وبعض الأحيان من نفسيتك.

كنت كذلك حتى حدث لي أمرين، الاول عندما شاهدة فلم شفرة دافنشي بطولة توم هانكس، كان فلم مخيب لقراء الرواية بشكل لا يوصف، فقد قطع الكثير من الاحداث المهمة، وتشوهت المشاهد التي خلقتها في عقلي، وهذا دائما يحدث مع الروايات التي تتحول إلى أفلام إلا ما ندر.

قراءة الرواية تعطيك المساحة لخلق مشاهد خيالية تكون نتاج خبراتك ومشاهداتك في الحياة، أما الأفلام فهي تكون نتاج مشاهدات المخرج والمونتير وشركة الانتاج، الرواية تحرك تساؤلات ترغمك على الغوص في نفسك للإجابة عليها، وتشعرك بالضيق وتتوه في داخلك محاولا الخروج من هذه الهاوية، ونادرا ما نجد ذلك في الافلام فهي تقدم لك وجبة ممتعة موجهة تهضمها بسهولة، مع سؤال أو سؤالين تأخذهم معك وقد تنساهم في الطريق.

الحدث الثاني هو مقال قرأته في مدونة مكتبة تكوين، وهو مقال مترجم لخطبة الكاتب نيل جايمان، يتكلم فيها عن رحلته للصين، وكيف بدأت هذه الدولة الشيوعية التي لا تؤمن بالخرافات والأساطير بالاهتمام بالرواية الخيالية بشكل مكثف، كان هدفهم الوصول إلى جيل له القدرة على الخيال، فبعد بحث عن طفولة العلماء الاوروبيين والامريكين، وجدوا أنهم كانوا يشتركون بشغفهم بروايات الفانتازيا والخيال العلمي.

ما أزال متردد في قراءة الروايات ولكني حققت تقدم جيد في التغلب على ازدرائها، فقد أكملت سلسلة دان براون، وقرأت سلسلة أغنية الجليد والنار لجورج ار ار مارتن – خمسة أجزاء لأن اللعين لم يكمل الجزئين المتبقيين – ولدي قائمة لروايات أتمنى قرائتها، ولكنني أتجنب الروايات المرهقة فهدفي الاساسي الاستمتاع، فهناك روايات حققت الكثير من الجوائز لكنها روايات كئيبة تستهلك الاعصاب والجهد ولا تأتي بثمره، تجعلنا ننظر للعالم بعين سوداوية، أنتهي منها وقد أنهكتني نفسيا وبدنيا، فهذه أتجنبها قدر المستطاع.

الروايات أعمال ابداعية تعطيك أفق جديد لم تراه من قبل، واظب على قرائتها فهي تطبيق للأسئلة الفلسفية والنفسية التي بحثت عنها في الكتب الجادة.